يوفق الله بعض عباده فيُجري على أيديهم الخير، وإذا أراد الله بعبد خيرًا جعل قضاء الحوائج على يديه، ومن الناس موفقون لا يدخلون في شيء إلا أصلحوه، وإذا تناولوه أتقنوه، وإذا سعوا في حاجة قضوها، أولئك هم الميسرون لما خُلقوا له، وبفضل مساعيهم وحُسن نياتهم تُقضى الحوائج بلا عناء، ومن استعان بهم بعد الله وجد عندهم الفرج عقب الشدة والمخرج الواسع بعد الضيق بفضل الله تعالى، وفي الحديث عن "عبدالله بن عمر"- رضي الله عنهما- عن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يُسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته،، ومن فرج عن مؤمن كربةً من كرب الدنيا فرج الله عنه كربةً من كرب يوم القيامة" (أخرجه البخاري ومسلم).
ويوضح الحديث أن من سعى في حاجة أخيه سعى الله في حاجته، وقضى له حاجته في الآخرة، وعليه أن يقف بجواره ويعينه ويؤازره ويناصره، ويعزه إذا ذل، ويكرمه إذا حل، وأن يشكره إذا أحسن، وأن يأخذ بيده إن أخطأ، وأن يجبر كسره، ويقوي ضعفه، ويستر عيبه، ولا يظلمه ولا يسلمه لمكروه يحل به أو مصيبة تنزل عليه.
ويروى أن ابن عباس- رضي الله عنه- كان معتكفًا في المسجد النبوي، فجاءه رجل يستعين به على حاجة له فخرج معه وقال: سمعت صاحب هذا القبر- صلى الله عليه وسلم- يقول: "من مشى في حاجة أخيه وبلغ فيها كان خيرًا من اعتكاف عشر سنين، ومن اعتكف يومًا ابتغاء وجه الله جعل الله بينه وبين النار ثلاثة خنادق بُعْد ما بين الخافقين".
فعن بن عمر أن رجلاً جاء إلى النبي- صلى الله عليه وسلم- فقال يا رسول الله: أي الناس أحب إلى الله وأي الأعمال أحب إلى الله؟ فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "أحبُ الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله تعالى سرور تُدخله على مسلم أو تكشف عنه كُربة أو تقضي عنه دينًا أو تطرد عنه جوعًا، ولأن أمشي مع أخي في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد- يعني مسجد المدينة- شهرًا، ومن كف غضبه ستر الله عورته، ومن كظم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رجاء يوم القيامة، ومَنْ مشى مع أخيه في حاجة حتى يتهيأ له أثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام، وإن سوء الخلق ليفسد العمل، كما يفسد الخل العسل