متى نعيد لشهاداتنا مصداقيتها؟
غَرَائِبُ الدَّهْرِ لاَ تُحْصَى وَأَعْجَبُهَا
خِيَانَةٌ طَالَتِ الأَبْنَاءَ فِي بَلَدِي
خِيَانَةٌ فِي رِحَابِ العِلْمِ صَارِخَةٌ
وَأَوْجُهَا فِي امْتِحَانِ (البَاكِ) وَاعَجَبِي !
سَمِعْتُ عَنْهَا وَلَمْ أُؤْمِنِ بِصِحَتِهَا
ظَنَنْتُهَا مِنْ قَبِيلِ الهَزْلِ وَالكَذِبِ
لِأَنَّنِي لَمْ أَعُدْ أَغْشَى مَدَارِسَنَا
وَقَدْ قَعَدْتُ عَنِ التَّعْلِيمِ مِنْ حِقَبِ
فَصِرْتُ أَسْمَعُ أَمْرًا لَا أُصَدِّقُهُ
عَنِ المَدَارِسِ مِمَّنْ عَاشَ عَنْ كَثَبِ
مِنْ قَبْلُ كَانَ امْتِحَانُ النَّشْءِ مُحْتَرَمًا
يَأْتِيهِ أَبْنَاؤُنَا فِي مُنْتَهَى الأَدَبِ
وَحَوْلَهُمْ أُمَنَاءُ مِنْ أَسَاتِذَةٍ
وَكُلُّهُمْ فِي صَفَاءِ الطَّبْعِ كَالذَّهَبِ
وَاليَوْمَ صَارَ امْتِحَانُ النَّشْئِ مَعْرَكَةً
سِلَاحُهَا الغِشُّ مَكْشُوفًا بِلَا حُجُبِ
وَرُبَّ مُحْجَبَةٍ مِنْ قَبْلُ سَافِرَةٌ
تَحَجَّبَتْ لِتُوَارِي سَيِّئَ الأَرَبِ
يُخْفِي الحِجَابُ لَهَا مَا كَانَ مِنْ وَرَقِ
أَتَتْ بِهِ لِاعْتِمَادِ النَّقْلِ مِنْ كُتُبِ
فَإِنْ تَعَذَّرَ غِشٌّ فِي المَلَا عَلَنًا
فَإِنَّ بَيْتَ الخَلَا حَلٌّ لِمُرْتَقِبِ
بَلْ أَصْبَحَ الغِشُّ حَقًّا يُدَّعَى سَفَهً
ا وَمَنْ سَيَحْرَمُهُ يَشْتَطُّ فِي الغَضَبِ
يُهَدِّدُ الحَارِسَ المِسْكِينَ، يَقْذِفُهُ
بِوَاِبلٍ مِنْ بَذِيئِ القَوْلِ فِي كَلَبِ
مَا زَادَ لِلطِّينِ بِلاًّ أَنْ يُرَى حَرَسٌ
يُسَاعِدُونَ عَلَى غِشٍّ بِلاَ رَهَبِ
حَتَّى الإِدَارَةُ قَدْ تُخْفِي خِيَانَةً مَنْ
تَمَّتْ إِدَانَتُهُ حَقًّا وَبِالسَّبَبِ
تَغُضُّ طَرْفًا عَنِ التَّقْرِيرِ قاَئِلَةً
دَعُوا التَّقَارِيرِ، أُعْفُونَا مِنَ التَّعَبِ
وَكَمْ تَسَرَّبَ قَبْلَ الوَقْتِ فِي وَضَحٍ
مِنَ النَّهَارِ جَوَاب كَانَ فِي الطَّلَبِ
نَاهِيكَ عَنْ حِيَلِ النَّقَالِ يُتْقِنُهَا
مَنْ شَاءَ رِبْحًا لَهُ مِنْ شَرِّ مُكْتَسَبِ
بِضَاعَةُ العِلْمِ أَضْحَتْ جِدُّ رَائِجَةٍ
بِالزُّورِ، صَاحِبُهَا يَهْتَمُّ بِاللَّقَبِ
وَلاَ عَلَيْهِ إِذْ لَمْ يَكُنْ أَبَدًا
أَهْلاً لِعِلْمٍ وَلَمْ يَنْدَمْ وَلَمْ يَتُبِ
أَضْحَى بِذَا وَاقِعُ التَّعْلِيمِ مَهْزَلَةً
وَازْدَادَ أَبْنَاؤُنَا جَهْلاً بِذَا السَّبَبِ
وَنَدَّعِي أَنَّنَا فِي مَوْقِعِ حَسَنٍ
دَلِيلُنَا ظَاهِرٌ فِي رِفْعَةِ النَّسَبِ
وَقَدْ نَسِينَا بِأَنَّ الغِشَّ يَغْمُرُنَا
وَفِي نَتَائِجِنَا كَمٌّ مِن الرِّيَبِ
وَلاَ سَبِيلَ إِلَى التَّغْيِيرِ مَا فَتِئَتْ
سِيَاسَةُ الوَطْنِ لاَ تُقْصِي ذَوِي الجَربِ
يَا لَيْتَ شِعْرِي مَتَى تَصْحُو ضَمَائِرُنَا
فَنَطْلُبَ العِلْمَ فِي جِدٍّ وَفِي رَغِبِ
كَيْمَا نَوَاكِبُ ركبَ الغَيْرِ فِي زَمَنٍ
غَدَتَ مَعَارِفَهُ تَعْلُو عَلَى السُّحُبِ
من ديوان سقوط قمم ومهازل أمم
للشاعر سليمان بن عمر دواق
بني يزقن غرداية الجزائر