داخل مركز الامتحان ...يكرم الحارس او يهان
حين نضع اول خطوة داخل مركز الامتحان ...نتجرد من كل شيء إلا الضمير.
داخل مركز الامتحان...انا لست ابا،ولا اخا ولا قريبا ولا صديقا ولا جارا..
داخل مركز الامتحان ...انا لست استاذا او مديرا او ناظرا اومقتصدا أو مساعدا تربويا...
داخل مركز الامتحان ...انا لست إلاّ حارسا...احرس صنيعة يديّ.. وعصارة فكري..أحرس من درسته لسنوات طوال ...
احرس انماطا شتى....احرس التلميذ المجتهد والمتوسط والضعيف...
احرس التلميذ الذكي والغبي ...احرس الشجاع والجبان ...احرس الماكر والمخادع والوديع...
احرس من يحترمني ويحبني ... احرس من يسبني ويشتمني.. ومن يحتقرني ويهينني... ومن يصل به الامرالى حد الاعتداء علي وضربي ...وان فعل...فلا ينبغي ان أنفعل ...لأنني الحارس...مهمتي الحراسة والتحمل دون كلل وملل... لأنني الحارس يجب ان احرس كل شيء وأراقب كل شيء ولا اشتكي من أيّ شيء ...فالشكوى ليست من شيم الحارس الكفء ..بل هي صفة الضعفاء المغلوبين على امرهم ...الفاشلين في تأدية مهامهم
داخل مركز الامتحان الكل يكره مكاني لأنني امنع الغش وأتدخل في شؤون لا تعنيني.... الكل يكرهني ويحط من منزلتي ويشجعني على التخلي عن شيمي وأخلاقي وان لا اقوم بعملي...وان اتجرد من حواسي...ان اكون اعمى ...واخرسا.. وأطرشا....وإذا فعلتها...وسايرتهم في ذلك ...فستتهاطل علي المجاملات والتشكرات واجمل الابتسامات وأصبح بطلا مبجلا في نظرهم ...والنتيجة بكل سهولة نجاح التلاميذ في الامتحان ...فمبروك عليهم ...
فألف الف مبروك ...وتتعالى اصوات الزغاريد...وتقام الحفلات و الافراح ويفرح ويمرح الجميع... ويكرّم التلميذ بشهادات وهدايا وتهنئات ...ويرسل لاماكن الراحة والاستجمام ...لأنه تعب وخارت قواه في الامتحان...هيهات وهيهات لما يعتقدون ...
انا الحارس ...لا زلت حارسا والأمر يتكرر معي كل سنة ....لا زالت حارسا مهانا في اروقة مراكز الامتحانات بينما التلميذ يتدلل في المعاهد والجامعات ....
انا الحارس ...لا زالت حارسا يتمنى ان يلغى من استدعاء الحراسة ...يتمنى ان يصاب بمرض او بانتكاسة ... ليقبع في المستشفى ايام الحراسة ....يتمنى ان يختفي عن الدنيا ...كي لا يعيش التناقضات التي آلت اليها منظومتنا ...ولكي لا يشاهد بأم عينيه افلاما هولييودية حقيقية ابطالها التلاميذ يمارسون العنف والضرب والاستفزاز مع رجال ونساء قضوا نصف حياتهم يذوبون كالشمعة لتنوير طريقهم ...ولإيصالهم لأعلى المراتب والمراكز
داخل مراكز الامتحان انا الحارس المهان ...تعبت من هذا الدورومن هذا الحال .....اطالب ان اعامل كانسان له مشاعر وكيان ...اطالب ان انال الاحترام في كل مكان......اطالب ان استرجع مكانتي وهيبتي مثل ايام زمان...ايام كنا نتشبه بالاسود والفرسان .... هذا مطلبي وهذا املي ومن لا يروقه الامر فليتقبل المهانة والهوان ....ويعيش عيشة النعامة و الأتان.... .
بقلم الاستاذ : خريس المختار